علي البخيتي أبطال الزنزانة رقم 8 بدروم يسخرون من الرئيس صالح ويقلدون صوته مذكرات سجين في الأمن السياسي 2008 م 
في الأيام الأولى للاعتقال انتابني خوف من احتمال التعذيب, وكنت التزم بالتعليمات قدر المستطاع, مع بعض المشاكسات الخفيفة التي أحاول أن أظهر بها عدم خوفي أمام الجنود والضباط.
في التاسعة مساءً من كل يوم يفتح لنا الجنود نشرة الأخبار الرسمية لنسمعها عبر مكبر صوت في الصالة, وفي تلك الأيام كان الرئيس السابق صالح كثير الخطب للتعليق على حروب صعدة ووقف اطلاق النار وتهديداته المتلاحقة, وبعد انتهاء خطابه سمعت أحدهم يقلد صوته بسخرية, وآخرون يضحكون بصوت عالٍ, استغربت من جرأتهم على الرئيس وهم في بدروم الأمن السياسي, يا ترى من يكونون ؟ ومن أين لهم الثقة بأنفسهم الى هذه الدرجة؟
وظهر لي من صياح الجندي مع من يقلد الرئيس أنه مسجون في الغرفة رقم 8 وأنه من آل الحوثي وأن بجانبه 6 من أبناء عمه واعمامه عرفت أن اعمارهم عشرينية من أصواتهم ولاحقاً بعد مشاهدتي لهم من فتحة صغيره في الباب, بل ان بعضهم لم يُكمل العشرين وقتها, وكانت تتكرر عملية التقليد في كل خطاب للرئيس, وفي أحد الأيام هدد الجندي أحدهم بأنه “سيدق له قيد في رجله “, فرحب بلهجة صعدية وصوت نميم,
قائلاً : يا عسكري دق لي قيد,
دق له الجندي القيد الأول,
فقال له : دق لي قيد ثاني,
رفض الجندي فتصايح معه,
وصاح زميله الآخر في الغرفة : وأنا وانا يا عسكري دق لي قيد مثل فلان,
وصاح البقية كلهم يريدون قيوداً,
فارتبكت الأوضاع على الجنود واستدعوا الضباط وساد هرج ومرج وهم يصيحون,
دق لنا قيد مثل فلان,
ليش ماهو فعلتو له قيد؟
وجعلوا من القيد مطلباً عندها لم يعرف الجنود والضباط كيف يتصرفون, واضطروا لفك القيد عنه.
لم يكن يسمح لي وقتها بالزيارة أو بشراء الحاجيات عبر خدمات السجن, بينما الغرفة رقم 8 لأن التحقيقات معهم انتهت يسمح لهم بالزيارة وبشراء ما يحتاجونه من بقالة السجن, وفي أحد الأيام فتح طاقة زنزانتي أحد الاشخاص – خلسة دون أن يدري الجنود – وسألني بصوت هادئ ما هي قضيتك؟
فقلت له : صحافة,
اغلق الطاقة ورحل,
وفي اليوم الثاني مر علي آخر شكله من القاعدة وسألني ما هي قضيتك؟
فقلت له صحافة,
اغلق الطاقة ورحل,
وفي أحد الأيام سؤلت نفس السؤال فأجبت أني كنت ذاهب الى صعدة لتغطية الأحداث هناك, وعمل تقارير صحفية,
عندها بدأوا في تعريفي بأنفسهم وأنهم من اسرة الحوثي,
وبدأوا يمرروا لي بعض ما يصلهم من مصاريف ” جعالة وتمر وجبنة أبو ولد “,
لا يزال طعم ويفر ” مغذي ولذيذ ” الى الآن في لساني, رماه لي أحدهم من تحت الباب, اكلته, وكنت أقرأ المكتوب على ” القرطاس ” لعشرات المرات من الفراغ,
وفي أحد الأيام زارني شخص متين من غرفة آخرى, وسألني عن قضيتي, فأخبرته بها, عاد بعد قليل ومعه كيس تمر وشيء آخر لا أذكره, وسالته عن اسمه,
قال لي : أنا محمد علي عبدالكريم أمير الدين الحوثي, المعروف حالياً ” أبوا أحمد الحوثي “.
بدأت تتضح لي الصورة أكثر, وهي أن في السجن صنفين من السجناء غالباً, اما حوثيين أو قاعدة, وأن كل طرف يدعم أصحابة – الجدد الغير مسموح لهم بالشراء -عبر التغذية والجعالة,
عرفت حينها أني أضعت على نفسي أياماً من الدعم عندما كنت أقول عن قضيتي ” صحافة ” دون أن أوضح تبع أي طرف,
وقلت لزميلي في الغرفة سأجرب أن أتظاهر أني من القاعدة لأعرف هل سيصلني دعم, كما بدأ يصلني من الحوثيين, وهل هذه سياسة متبعة من الطرفين؟ أم أنها مصادفه؟
وقلت له مازحاً إذا مشت الأمور فلنقتسم الدور أنا حوثي وأنت قاعدة لننعم بدعم الطرفين حتى يُفرج الله همنا ويسمح لنا بالزيارة وشراء الحاجيات,
وفعلاً فتح علي أحد السجناء الطاقة في أحد الأيام وعرفت من شكله أنه من القاعدة, سألني , فأجبته قائلاً أنا مسجون على قضية للقاعدة, فذهب وعاد لنا بما لذ وطاب,
قلت لصاحبي مازحاً: صدقتاني,
ضيعنا الأيام السابقة ” صحافة ” “قرحنا جو” ومتنا جوع,
وتعرفت مع الوقت على اسماء السجناء الذين في الغرفة رقم 8 الشهيرة وهم :
ابراهيم بدرالدين امير الدين الحوثي
محمد عبدالكريم اميرالدين الحوثي
امير الدين بدرالدين الحوثي
زكريا محمد بدرالدين الحوثي
علوي يحي بدرالدين الحوثي
عبدالملك عبدالقادر بدرالدين الحوثي
باقر محمد بدرالدين الحوثي,
وعرفت لاحقاً أن الاستاذ عبدالكريم أميرالدين الحوثي في زنزانة انفرادية لوحده, وكان أحد الوسطاء في النزاع الا أن الرئيس صالح سجنه كما سجن الكثير من الوسطاء مثل الشيخ صالح الوجمان وغيره.
__________________________
” لمن يسأل متى بدأت علاقتي بالحوثيين ؟
أقول لهم بدأت في بدروم الأمن السياسي في العام 2008 م بفضل الرئيس السابق صالح والفندم غالب القمش ”
حلقات سابقة
الحلقة الحالية