تحديث للموضوع الي تم طرحه سابقاً كعنوان ويتم وضع المقال مرة اخرى بعد ماكانت هناك مشكلة في الصفحة العربيه نقدم لكم “مهرجان الفيلم اللبناني” يختتم أعماله اليوم 3-6-2014.
يطرح “مهرجان الفيلم اللبناني” أسئلة عديدة، على مستوى استمرارية حضوره في المشهد المحليّ، أو على مستوى المعنى الثقافي لتنظيم دورات يُفترض بها أن تكون إحدى أدوات التحريك الثقافي للنشاط السينمائي اللبناني. في العام 2001، انطلق المهرجان بفضل جهود أفراد مهتمّين بالفن السابع، أرادوه احتفالاً بالنتاجات اللبنانية المتنوّعة. في بداياته، حمل المهرجان اسم “.. وُلد في بيروت”. الأهداف؟ أولاً: استكشاف الذاكرة اللبنانية عبر الذاكرة السينمائية، وإشراك أكبر عدد ممكن من المهتمّين بثمار جهود الباحثين في هذه الذاكرة. ثانياً: “الاكتشاف المباشر”، أي وضع هذه النتاجات السينمائية اللبنانية أمام المهتمّين بها، وإقامة تواصل مباشر بين الطرفين. ثالثاً: تغيير آليات التفكير عند المُشاهدين، وبثّ وعي ما في نفوسهم عبر السينما. باختصار، أراد المهرجان إيجاد معادلة ثابتة وواضحة بين “صناعة” سينمائية محلية يجتهد كثيرون لتفعيل حضورها الفني والثقافي والتجاري والتقني، ومُشاهدين محتَملين يُفترض بعددهم أن يزداد دورة إثر أخرى، بفضل عروض يسعى منظّموها إلى عدم استثناء أي نتاج محلي ممكن، في شتّى أصناف الاشتغال البصري.
أهداف
هل توصّل القائمون على المهرجان إلى تحقيق أهدافهم؟
كان يُمكن لمهرجان سينمائي معنيّ بالنتاجات المحلية أن يتحوّل إلى ملتقى سنوي ثابت في موعده، وأن يُصبح مساحة مفتوحة على اختبارات وتحدّيات وسجالات منبثقة من المضامين الدرامية والأشكال الفنية، وأن يضع السينمائيون اللبنانيون ونتاجاتهم أمام أحد أبرز أسئلة السينما، المتمثّل بالعلاقة المباشرة بالمُشاهدين. كان يُمكن للمهرجان أن ينافس المهرجانات والتظاهرات السينمائية الأخرى، المُقامة في بيروت سنوياً أو مرة واحدة كل عامين، وأن يستقطب جمهوراً عريضاً، وأن يدعم النتاجات البصرية المحلية بالترويج الصحيح لها بين المعنيين بالهمّ الإبداعي والمنغمسين في الاشتغالات البصرية. كان يُمكن للمهرجان أن ينتشر في البلد برمّته، باستقطاب مُشاهدين إلى صالات عروضه السينمائية، عبر وضع خطة عمل متكاملة، تهدف إلى نشر ثقافة سينمائية متعلّقة بالفن السابع أولاً، وبالنتاج السينمائي اللبناني ثانياً. كان يُمكن للمهرجان أن يُحرِّض على المُشاهدة والنقاش والتفاعل مع سينمائيين يمتلكون هواجس بصرية وثقافية ودرامية عديدة، ويصنعون أفلاماً مختلفة الأشكال (“فيديو آرت”، تجريب، وثائقي، روائي، إعلانات، فيديو كليب، إلخ.). لكن، بعد أن كانت الخطوات الأولى لـ”مهرجان الفيلم اللبناني” جدّية في هذا المجال، وبعد أن ثابر منظّموه على تثبيت حضوره في المشهد الثقافي – الفني اللبناني العام، بدا أن خللاً ما أصاب البناء المتواضع للمهرجان، فأرغمه على الترنّح والارتباك. صحيحٌ أن دوراته السابقة (تُقام دورته الـ11 في الفترة الممتدة بين 6 و10 حزيران 2014، في صالتي سينما “متروبوليس ـ أمبير صوفيل”، الأشرفية) لم تبتعد كثيراً عن أهدافه، وإن لم تُحقِّق المضامين كلّها لهذه الأهداف. صحيحٌ أن المهرجان قدّم أفلاماً لبنانية متفرّقة، وحاول “خلق” جمهور لبناني لها أثناء انعقاد دوراته وخارجها. لكن مآزق شتّى عاناها المهرجان ولا يزال يُعانيها: غياب الثبات في تنظيم دورات سنوية، وفي اختيار موعد سنوي ثابت. انعدام أفق ثقافي – فني واضح. عشوائية التنظيم، معطوفة على عشوائية الاختيار. صحيح أن مهرجاناً معنياً بنتاجات محلية مُطالبٌ بتوفير مساحة كبيرة لهذه النتاجات، كي يتسنّى للمهتمّين بها مشاهدتها، خصوصاً أن الغالبية الساحقة منها لا تُعرض في الصالات التجارية. لكن المهرجان مُطالب أيضاً بتأدية دور ثقافي – فني متمثّل، في أحد جوانبه، بتوجيه ما عبر إقصاء العاديّ والسطحي، وإشاعة مناخ صحي وسليم للأعمال الجادة ذات الحساسية الواعدة والصافية سينمائياً.
غربلة