قال احد المسؤولين الكبار في منظومة البنوك في إسرائيل هذا الأسبوع للصحافة العبرية: “لقد نشرت منذ عدة أسابيع توصيات المعهد الأوروبي للبحوث والدراسات الداعية الى فرض مقاطعة أوروبية على البنوك الإسرائيلية التي لها نشاط مالي او اقتصادي في المناطق المحتلة، وقد تحدثت الصحافة الإسرائيلية عن هذه التوصيات يوما او يومين ثم تناست الموضوع وعادت الى الحديث عن أمور أخر”.
“مقاطعة اوروبية لأسرائيل”
وأضاف المسؤول: “يتم الاعداد لحدث مالي ضخم للغاية. وإذا وقع هذا، فإن آثاره الاقتصادية على المصارف الإسرائيلية وعلى الاقتصاد الإسرائيلي برمته ستكون ضخمة للغاية. انه ليس حدثا ذا طابع اقتصادي وحسب، بل هو حدث سياسي بامتياز. حدث كهذا سينقلنا الى حال صعب جدا وهذا امر يحتاج الى تعامل من قبل اعلى المستويات في إسرائيل وبسرعة”.
كثرت المؤشرات في الأسابيع الأخيرة التي تشير الى ان الاتحاد الأوروبي بالفعل يدرس بكل جدية التوصيات المذكورة. في هذه الاثناء فإن تدهور العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة يقلل من احتمال ان تتصدى واشنطن لتحرك أوروبي كهذا، بل قد تكون الإدارة الامريكية هي من اوعزت بمثل هذا التحرك للأوربيين وفق ما يرى بعض المراقبين الدبلوماسيين كنوع من الضغط الدولي للجم الاستيطان الإسرائيلي في المناطق المحتلة.
ونقلت صحيفة “معاريف” العبرية في تقرير لمراسلها بن كسبيت، ان كبار المسؤولين في منظومة المصارف الإسرائيلية يؤكدون انه “رغم كل هذا، ينبغي الاخذ بعين الاعتبار ما قد يحدث في اللحظة التي يتم التعرض لائتمان المصارف الإسرائيلية. حين يضعون علامات على السلع لمقاطعتها، فإن هذا سيترك اثرا على قطاع معين من تعامل الأسواق، ولكن حين توضع علامة على الائتمان المصرفي للبنوك الإسرائيلية الناشطة خارج الخط الأخضر، ويفرضون عليه المقاطعة، فإن هذا يعني تجميد ارصدة المصارف. ان منظومة المصارف والائتمان الأوروبية متداخلة بالاقتصاد الإسرائيلي بكثافة، وعندها لن يقبل أي مصرف أوروبي بتمويل مشاريع في إسرائيل كما لن يكون بالإمكان الحصول على ائتمان مصرفي في أوروبا ولن يكون بوسعنا فعل أي شيء مقابل اجراء كهذا”.
“وضع العلامة على الائتمان” يعني ان كل مصرف إسرائيلي يمنح قرض إسكان لشراء شقة في مستوطنة معاليه ادوميم او غيرها من الاحياء الاستيطانية الجديدة المتاخمة للقدس الغربية، يتم ادراج هذا المصرف الى القائمة السوداء. ويعتبر الأوروبيون القدس ومستوطنات الضفة الغربية وهضبة الجولان وكذلك شارع 443 المؤدي الى القدس وأجزاء معينة من شارع رقم 1 الواصل بين مدينتي تل ابيب والقدس، على انها مناطق محتلة. ومن المعروف انه ما من مصرف إسرائيلي إلا ومرتبط بنشاط اقتصادي او مالي بمشاريع في هذه المناطق. وكل قرض إسكان او قرض عادي لأي من المشاريع التي تقام في هذه المناطق سيؤدي الى ادراج اسم المصرف على اللائحة السوداء أي المقاطعة الكاملة من قبل المنظومة المصرفية في دول الاتحاد الأوروبي.
ويقول مسؤول رفيع في منظومة المصارف الإسرائيلية “ان هذا يعني اغلاق كل الأبواب بوجه الاقتصاد الإسرائيلي، انه فرض اغلاق تام. في مثل هذه الحالة سنضطر الى التكاتف والتوجه الى رئيس الوزراء نتنياهو لأن حل مثل هذه المعضلة لا يتم إلا عبر القرارات السياسية. فهو يتخطى كونه موضوع اقتصادي بحت”.
وتشير التوقعات الى اقتراب خروج منظومة المصارف الإسرائيلية عن صمتها ومحاولتها بلورة سياسة واضحة لها امام الحكومة. في مثل هذه الحالة، يتوقع ان يلتقي مديرو المصارف مع وزير المالية ومع رئيس الوزراء وان يناقشوا واياهما “شبكة تحمي الائتمان المصرفي والاقتصادي في حال تعرضه لأي خطر”. ولكن من غير المتوقع ان تكون الحكومة قادرة على اتخاذ مثل هذه الإجراءات.
ويؤكد المسؤولون في المنظومة المصرفية الإسرائيلية “اننا بصدد إشكالية سياسية، ونعي جيدا انه ما من حيلة يمكنها حل هذه الإشكالية، ولكن هذا لا يقلل من فداحة ما قد يحدث. يدور الحديث عن امر في غاية الأهمية وبمعايير مالية ضخمة جدا، حدث يجب الاستعداد والاعداد له لاستيعابه، وهذا ما نحاول القيام به حاليا”.